السفيرة الأميركية للمعنيين: البيطار “خط أحمر” ولن نسمح بتنحيته
"القضاء" الرهان الأميركي لتنفيذ المشروع!
يبدو أن خريطة طريق اللقاء الرئاسي لحل أزمتَي “البيطار” و “قرداحي”، تلقّت نكسة قد تؤدي إلى إجهاض “التسوية” والعودة إلى التصعيد، وهذا ما عكسه موقف الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصرالله أمس الأول بالوصول إلى اليأس من تصحيح مسار التحقيقات التي يقودها المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت، القاضي طارق البيطار.
وبحسب معلومات “أحوال”، فإن نصرالله وصل إلى هذه الخلاصة بعد مشاورات مكثّفة وعميقة دارت خلال الأسبوع المنصرم بين الخطوط الرئاسية و”حارة حريك”، وبعد تعثّر ترجمة “تسوية بعبدا”، علماً أن الرئيس نبيه بري بذل جهوداً مضنية لإقناع الرئيسين عون وميقاتي بالحل الدستوري لقضية المرفأ عبر ثلاثة خيارات: تنحي المحقق العدلي من تلقاء نفسه، أو عبر مجلس القضاء الأعلى أو محاكم التمييز بقبول دعاوى مخاصمة الدولة، إلا أن “القرارات القضائية الاخيرة التي صدرت بالجملة عن الهيئة العامة لمحكمة التمييز الجزائية بسرعة غير بريئة”، بحسب مصادر قانونية وسياسية، “جاءت لتوجه صفعة قاسمة لنتائج اللقاء الرئاسي، وتقطع الطريق على أي حل للأزمة”.
وتشير أوساط مطلعة لموقعنا إلى أنه “وعقب تسريب التوصل إلى اتفاق في لقاء بعبدا، دخلت السفيرة الأميركية في بيروت على الخط عبر جولة على مرجعيات رئاسية وروحية لحماية البيطار، بالتهديد بعقوبات مالية واقتصادية تارة، وبتأجيج التحركات الشعبية في الشارع تارة أخرى. وكشفت الأوساط عن ضغوط تعرض لها رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود وعدد من القضاة، مع جرعة دعم وإغراءات تلقاها عبود والبيطار للمضي بالملف، إذ قال الأميركيون بصريح العبارة للمعنيين: “البيطار خط أحمر ولن نسمح بتنحيته”.
وتتوقف الأوساط عند التوقيت المشبوه لتحركات أهالي شهداء المرفأ عشية صدور قرارات النظر بدعوى الارتياب والرد ومخاصمة الدولة، أمام منازل القضاة المعنيين بملف المرفأ، تحت تهديد التشهير الاعلامي وحرمانهم من أي مناصب في الدولة، متسائلة: “هل يحق للقاضي البيطار استقبال أهالي الضحايا والقول إنه سيأخذ بثأر الشهداء؟ هل القاضي مسؤول عن الثأر أم عن تحقيق العدالة؟ علماً أن البيطار ليس الجهة التي ستحاكم وتصدر الأحكام، بل المجلس العدلي بعد صدور القرار الظني”.
وتكشفت معلومات “أحوال” في هذا السياق أن “القاضي طارق البيطار استقبل القنصل الأميركي في لبنان ثلاثة مرات بحجة وجود ثلاث ضحايا يحملون الجنسية الأميركية”، فهل هذا من مهمة القنصل أم محامو الضحايا؟.
بدورها، تحذر الأوساط من خطر “مافيا” شركات التأمين داخل نقابة المحامين في التأثير على البيطار، إذ أن أغلب محامي الشركات التي لا تريد دفع التعويضات، هم وكلاء ضحايا تفجير المرفأ وعلى رأسهم النقيب السابق ملحم خلف، وتضغط هذه الشركات لعدم صدور التقرير التقني لتجيهل حقيقة أن التفجير ظرفي وأن السفينة لم تكن معدة للدخول الى مرفأ بيروت، “فالمرور ظرفي والتفجير ظرفي كما يقول تقرير المخابرات الاميركية والمخابرات الفرنسية ومخابرات الجيش وصور الاقمار الصناعية الروسية التي استند اليها الرئيس الروسي بقوله إن التفجير كان بدافع التجارة”.
وتتحدث الأوساط عن منظومة متكاملة متعاضدة تقود ملف المرفأ، وهي: مؤسسات المجتمع المدني “NGOs”، محامون وسفارات وقضاة لديهم شهوة السلطة وشركات التأمين.
أما الحل الأخير المطروح، بحسب مصادر “أحوال”، والذي لم ينضج بعد ويعمل على انجاحه الرئيس بري باتصالاته مع عون وباسيل، فهو عقد جلسة لمجلس النواب يحضرها تكتل لبنان القوي لتقديم عريضة نياببة للادعاء على كل الرؤساء والوزراء الذين تضمنتهم اللائحة الاولى التي أرسلها المحقق العدلي السابق فادي صوان الى مجلس النواب، وإحالتهم الى المجلس الاعلى لمحاكمة الوزراء الرؤساء.
وفي سياق ذلك، يشدد مصدر سياسي مقرب من مرجعية دينية ومن الأميركيين والتقى مؤخراً عدداً من سفراء دول فاعلة في لبنان، أن البيطار سيبقى في منصبه ولن يستطيع أحد تنحيته لوجود ارادة شعبية باستمراره في عمله، ووجود تغطية من المؤسسة القضائية، اضافة الى قرار اميركي – أوروبي داعم له.
ويكشف المصدر لموقعنا أن الحل الدستوري لن يكتب له النجاح، والملف مفتوح الى ما بعد الانتخابات النيابية إن حصلت.
في المقابل تكشف الأوساط السياسية لـ”أحوال” عن تهديدات يتعرض لها التيار الوطني الحر، مفادها أن تعديل موقفه من البيطار سيعرضه الى حملة اعلامية لتحميله مسؤولية إقالة البيطار واجهاض التحقيق وطمس الحقيقة، وهذا سيكون مقتلاً شعبياً وانتخابياً للتيار قبيل الانتخابات النيابية، ما يوفر للقوات اللبنانية مادة دسمة للتصويب على التيار.
ما هي خفايا مشروع دعم البيطار؟
تشير الأوساط نفسها الى أن “المشروع بدأ باحتجاز الرئيس سعد الحريري في السعودية بالـ 2017 لفرط عقد التسوية الرئاسية، تمهيداً لإسقاط عون وباسيل في الشارع التي تظهرت بأحداث 17 تشرين 2019 للإطاحة بالطبقة السياسية لاستبدالها بأخرى لتكون أشد عداءً لـ”حزب الله”، وذلك بعدما لمس الأميركيون تواطؤاً حريرياً وعونياً مع “حزب الله”، والسكوت عن سياساته الاقليمية مقابل السلطة، ولما فشل المشروع، زج بسلاح العقوبات المالية وسياسة تجويع اللبنانيين، ولما تعثّر ذلك جاء تفجير المرفأ ليشكل منصة خارجية للاستثمار والتصويب على الحزب وحلفائه تحت عنوان أن القضاء هو المنقذ ورمز العدالة في قضايا الفساد واستعادة ودائع اللبنانيين وحقيقة تفجير المرفأ، وذلك بعد فشل مشروع اقحام المؤسسة العسكرية في الصراع الداخلي بعدما جرى التسويق للجيش إعلامياً وشعبياً على أنه المنقذ والمخلص، وكذلك صعوبة الرهان على العنوان الاقتصادي والمالي مع صورة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة المهشمة لبنانياً وخارجياً، فلم يبقَ سوى القضاء الذي تولى مهمة التصويب على أطراف سياسية معينة بالاتهام والاستدعاء ومذكرات التوقيف لتنفيذ هذا المشروع.
وتضج الكواليس والصالونات السياسية بالحديث عن وعود تلقاها القاضي عبود بدعمه لرئاسة الجمهورية، فيما يلعب البيطار دور “الوسيلة” لايصال عبود الى الرئاسة الاولى مع رهان على تغيير سياسي في المجلس النيابي لتكوين سلطة جديدة في لبنان، على أن يتولى البيطار مناصب رفيعة فيها. لذلك عمد الأميركيون للضغط باتجاه توزير ستة قضاة في مجلس الوزراء لـ”إسالة لعاب” القضاة واستثارة شهوتهم للسلطة، أكان في مناصب قضائية رفيعة أو نيابية ووزارية ورئاسية إذا ما راعوا المطالب الاميركية.
محمد حمية